سيريا مونيتور..
اعتبر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن تقليص برامج المساعدات لا يُعتبر خطأ في حد ذاته، ولكن تنفيذه دون تقييم دقيق لأثره على الحلفاء الإقليميين وعلى حياة الأمريكيين قد يؤدي إلى عواقب غير محمودة على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وأوضح المعهد في تحليل له أن إدارة ترامب بدأت بتنفيذ إصلاحات جذرية في برامج المساعدات الخارجية الأمريكية منذ توليها الحكم، بعد أسابيع قليلة فقط من تسلمها المسؤولية. هذه الإصلاحات من شأنها أن تؤثر بشكل كبير على استثمارات الولايات المتحدة في استقرار منطقة الشرق الأوسط.
وأشار المعهد إلى أن أحد الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب عند توليه منصبه كان يتضمن تجميدًا مؤقتًا للمساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا، إلى أن يتم التأكد من توافقها مع السياسة الخارجية الأمريكية. وصرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بعد ذلك بأن أي برامج مساعدات غير مساهمة في تعزيز أمن وازدهار الولايات المتحدة ستخضع للمراجعة.
تزامنًا مع ذلك، تم منح استثناءات لبعض البرامج من التجميد، مثل المساعدات العسكرية المخصصة لإسرائيل ومصر، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية العالمية. وفي 28 كانون الثاني/ يناير، أصدر روبيو إعفاء إضافيًا شمل “المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة”، مما ترك الجهات المعنية في حالة من القلق بشأن الأنشطة المسموح بها في هذا التصنيف.
وأوضح المعهد أن المساعدات العسكرية الخارجية توفر فرص عمل في الولايات المتحدة وتعزز من قدرتها على عدم الاعتماد على الصين أو روسيا. كما أن المساعدات الاقتصادية تدعم برامج الصحة والرعاية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط، إذ تم تخصيص مبلغ 5.6 مليار دولار لهذه البرامج في السنة المالية 2022-2023.
وأشار المعهد إلى أن تقليص أو إلغاء هذه المساعدات قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي في دول الحلفاء مثل الأردن وسوريا واليمن ولبنان، وأن إلغاء برامج مثل مساعدات الصحة وحقوق الإنسان قد يؤثر سلبًا على قدرة هذه الدول على الاستقرار.
من ناحية أخرى، تبين أن العديد من هذه البرامج تعمل منذ سنوات، لذا فإن إلغاءها قد يضر بتحقيق أهداف الأمن الإقليمي للولايات المتحدة. وفي المقابل، يبقى الدعم العسكري في مجالات مثل “مكافحة الإرهاب” والتدريب الأمني هو الأكثر استدامة.
تتمثل إحدى القضايا الرئيسية في دعم لبنان، حيث تثير المساعدات العسكرية جدلاً متزايدًا بسبب العلاقة بين الجيش اللبناني وحزب الله. ومن المتوقع أن يتسبب تجميد الدعم العسكري الأمريكي للجيش اللبناني في صعوبة الحفاظ على جاهزيته في مواجهة حزب الله.
في العراق وسوريا، يظهر المعهد أن تقليص الدعم العسكري قد يزيد من المخاطر على المصالح الأمريكية في المنطقة، خصوصًا في مواجهة تهديدات الميليشيات المدعومة من إيران.
أما في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن المساعدات المقدمة للفلسطينيين تخضع أيضًا لمراجعة مشددة، في ظل القوانين التي تمنع تقديم الدعم الأمريكي المباشر للسلطة الفلسطينية إلا إذا توقفت عن دفع رواتب السجناء وعائلات الشهداء المتورطين في أعمال عنف.
فيما يخص الأردن، يعترف المعهد بأهمية الدعم الأمريكي لاقتصاده وجيشه، ويعتبر أن العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والأردن لا يمكن التهاون فيها، حيث يتلقى الأردن مساعدات سنوية تقدر بحوالي 780 مليون دولار.
وأكد المعهد أن السياسة الأمريكية تجاه برامج المساعدات يجب أن تستند إلى القيم والمصالح الاستراتيجية الوطنية، مع ضرورة إعادة تقييم برامج المساعدات لضمان تعزيز أمن وازدهار الولايات المتحدة في المنطقة.