سيريا مونيتور..
شهد إقليم كردستان العراق، خلال الأسبوع الماضي، احتجاجات واسعة في مدينة السليمانية، حيث خرج الموظفون للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة، مما أدى إلى تصعيد الأوضاع وسط اتهامات متبادلة بين الأحزاب السياسية المختلفة.
اتهامات متبادلة وتأجيج التظاهرات
اتهمت السلطات الأمنية في أربيل، إلى جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، حزب العمال الكردستاني وجماعات أخرى بمحاولة زعزعة استقرار الإقليم عبر تأجيج الاحتجاجات. وصرح القيادي في الحزب، فرهاد راوندوزي، أن “الاحتجاجات كانت موجهة لاستغلال أزمة الرواتب بهدف تحقيق أهداف سياسية”.
في المقابل، أشار محللون سياسيون إلى أن المظاهرات، رغم بدايتها المدنية، تحولت إلى ساحة تتقاطع فيها مصالح عدة أطراف سياسية، خاصة أن بعض المتظاهرين رفعوا شعارات ذات طابع سياسي.
يعتقد الباحث السياسي كاظم ياور أن حزب العمال الكردستاني، رغم عدم وجوده المباشر بين المتظاهرين، استفاد من الأزمة لتوجيه الضغط السياسي. وأضاف: “الحزب الديمقراطي منسجم مع الطروحات التركية بشأن الحوار وإلقاء السلاح، وهو ما لا يخدم مصالح حزب العمال الكردستاني، الذي يسعى لاستغلال الاحتجاجات كورقة ضغط”.
في المقابل، يرى المحلل السياسي ياسين عزيز أن “الاحتجاجات تعكس مطالب شعبية حقيقية، ولا يوجد دليل مباشر على تورط حزب العمال الكردستاني، لكنها قد تتلاقى مع أجندات أطراف أخرى تسعى للضغط على حكومة الإقليم”.
العلاقة بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم
مع تزايد الاحتجاجات، بدا أن الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، يحاولان احتواء الأزمة للحفاظ على استقرار المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم.
وأشار ياسين عزيز إلى أن “هناك توجهاً لتخفيف التوترات بين الحزبين بهدف تسهيل تشكيل الحكومة، خاصة أن كردستان يسعى لتوحيد الموقف الداخلي قبل التفاوض مع بغداد حول الملفات العالقة”.
من جهتها، حاولت حكومة الإقليم تهدئة الأوضاع، حيث أعلن وزير المالية الكردي، آوات شيخ جناب، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية لصرف رواتب الموظفين لعام 2025 دون مشاكل. كما تعهد بصرف رواتب شهر كانون الثاني المتأخرة خلال الأيام المقبلة، مما قد يساهم في تهدئة الأوضاع وإنهاء الاحتجاجات.
تعكس الاحتجاجات الأخيرة في كردستان العراق أزمات سياسية واقتصادية متشابكة، حيث تتداخل المطالب الشعبية مع الحسابات السياسية بين الأحزاب الكردية، إضافة إلى تأثيرات إقليمية تلقي بظلالها على المشهد. وبينما تسعى حكومة الإقليم لاحتواء الأزمة، يبقى التساؤل مفتوحاً حول مدى استقرار الوضع السياسي في المرحلة المقبلة.