د. فيصل الحسن
يتطلب بناء دولة خارجة من اتون صراع وحرب طويلة وضع إطار متوازن للعلاقة بين المركز والمحافظات، بحيث لا تتحول السلطة والثروة إلى أداة احتكار بيد العاصمة أو النخب الضيقة.
فالعدالة المطلوبة بين المحافظات يجب أن تقوم على مبدأ توزيع الصلاحيات والموارد بشكل يحقق تكافؤ الفرص ويضمن مشاركة جميع المكونات في صياغة مستقبل الدولة.
فالحقوق الإدارية والسياسية تمنح المحافظات قدرة على إدارة شؤونها المحلية من خلال مجالس منتخبة وصلاحيات واسعة وواضحة، مع تمثيلها على نحو عادل في مجلس الشعب أو البرلمان والوزارات لضمان حضورها في القرار الوطني. أما الحقوق الاقتصادية والتنموية فتعتمد على تخصيص الموازنات وفق الحاجات الفعلية وعدد السكان، مع مراعاة التنمية المتوازنة وتمكين كل محافظة من الاستفادة من مواردها الطبيعية والزراعية بما يعزز الشعور بالانتماء والعدالة.
ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار البعد التاريخي والثقافي للمحافظة، الذي يفترض أن يكون من أساسيات بناء الدولة، إذ يجب الاعتراف بمكانة المحافظات ذات الدور التاريخي وإبراز تنوعها الثقافي في المناهج والإعلام (الرقة أنموذجاً) فضلاً عن توزيع بعض المؤسسات والفعاليات الوطنية على هذه المحافظات لتجنب مركزية مفرطة تضعف الشعور بالمواطنة لأبنائها.
كيف يمكن جعل الحقوق فعّالة وتطبيقها على أرض الواقع؟
عبر إنشاء آليات تضمن التطبيق:
* صندوق وطني للعدالة الاجتماعية يحقق التضامن بين المحافظات.
* هيئة مستقلة للرقابة على توزيع الموارد.
* دستور مرن وواضح يحمي حقوق المحافظات ويمنع التمييز، مع إمكانية تعديل الصلاحيات عبر المؤسسات التشريعية الوطنية.
* إحداث جامعة حكومية على الأقل في كل محافظة (الرقة- الحسكة – درعا- السويداء) اسوة بباقي المحافظات التي أحدثت بها جامعات حكومية.
العدالة بين المحافظات ليست مجرد توزيع إداري أو مالي، بل هي ركيزة أساسية لتثبيت الاستقرار السياسي وبناء الثقة بين الدولة ومواطنيها. فهي تضمن أن يشعر كل فرد، في أي محافظة، بأن له نصيباً عادلاً من السلطة والموارد والهوية الوطنية، مما يعزز التماسك الاجتماعي ويدعم مسار البناء الصحيح لسورية.