أوروبا تخنقها.. رصد موسّع لتدهور مكانة إسرائيل لدى حلفائها الأوروبيين بسبب حرب غزة، وتحوّل مواقفهم

يواجه الاحتلال الإسرائيلي انتقادات غير مسبوقة أوروبياً، مع تزايد لهجة مسؤوليها قسوة يوماً بعد يوم، حتى وصل الأمر بالاتحاد الأوروبي لاتهامها بارتكاب جريمة “الإبادة الجماعية” ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وصولاً إلى سلسلة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي يسلط الضوء على مسار تدهور العلاقات بين أوروبا وإسرائيل بسبب الحرب على غزة.

يتناول في هذا التقرير، رصداً لأهم المواقف الأوروبية تجاه إسرائيل خلال عامي الحرب، فضلاً عن متابعة لردود الفعل الإسرائيلية تجاه هذا التحول الذي وصفه بعض المحللين الإسرائيليين بـ”الانقلابي” في سياسة أوروبا تجاه “إسرائيل”.

قراءات إسرائيلية متشائمة للعلاقة بين أوروبا وإسرائيل

تال آموداي مراسلة في صحيفة يديعوت أحرونوت، أكدت أن مكانة إسرائيل في القارة الأوروبية شهدت تقلّبات سيئة منذ اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأكدت أن الوضع ازداد سوءاً في الأسابيع الأخيرة، إذ فتحت الدول الأوروبية التي كانت صديقة لإسرائيل إلى وقت قريب، جبهة دبلوماسية وسياسية واقتصادية معها، ما أسفر عن تصعيد للتوتر في علاقاتهما، وتبادلٍ للاتهامات، وتجاوزاً لخطوط حمراء غير مسبوقة.

وأشارت في هذا الصدد إلى دعوة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لتبنّي نهج أكثر صرامة تجاه سياسة إسرائيل، وآثارها المدمرة على الفلسطينيين في غزة، واتهام نائبتها، تيريزا ريفيرا، لإسرائيل بتنفيذ جريمة “الإبادة الجماعية”، وهي أقوى إدانة صدرت من بروكسل منذ اندلاع الحرب.

ولا تتوقف التأكيدات الإسرائيلية بشأن خسارتها للمزيد من النقاط على الساحة الأوروبية، حيث تتزعزع مكانتها في القارة بشكل متصاعد، وظاهرة المقاطعة آخذة في الاتساع، وتأييد الفلسطينيين يتزايد، وأي علاقة تجارية أوروبية مع الإسرائيليين باتت أكثر صعوبةً وإرهاقًا، وفقاً لما ذكره ليئور باكالو الكاتب في القناة 12.

من جانبها، ذكرت سابير ليبكين الخبيرة الإسرائيلية في الشؤون الدولية، أن موقفاً متشدداً ضد إسرائيل بدأ يتبلور في الاتحاد الأوروبي، وهناك مقترحات لدراسة مستقبل اتفاقية شراكتها معه، وتعليق مشاركتها جزئياً في برنامج أبحاث “هورايزون”، ومحاولات للإضرار بعلاقاتهما التجارية.

ولفتت إلى أن بعض الدول الأوروبية فرضت عقوبات على مستوطنين شاركوا بأعمال عنف ضد الفلسطينيين، ومنذ بداية الحرب، استدعت العديد من الدول سفراءها من إسرائيل، كما استدعت الأخيرة سفراء في تلك الدول أيضاً، مثل إسبانيا والنرويج لأسباب سياسية.

أما في ألمانيا وإسبانيا وبريطانيا وغيرها، تُنظم مظاهرات حاشدة مؤيدة للفلسطينيين بشكل شبه أسبوعي، ضد ما تقوم به إسرائيل في غزة.

تومار ألماغور مراسل الساحة الأوروبية، أفاد بأنه بات واضحاً أن إسرائيل تعيش في خضمّ موجة سياسية غير مسبوقة مع أوروبا، بدأت بإعلان فرنسا الاعتراف بدولة فلسطينية، واستمرت بسلسلة من التصريحات المماثلة، وحظر دخول الوزراء، وحظر أسلحة، حتى أن عليزة بن نون، الرئيسة السابقة للقسم السياسي والاستراتيجي بوزارة الخارجية، أكدت أن الضغط الأوروبي يتزايد.

وتابع: “لكننا لم نشهد ذروة ذلك بعد، ففي اللحظة التي تعلن فيها إسرائيل عن ضم الضفة الغربية، أو بعض أجزائها، فسيؤدي ذلك إلى تصعيد سياسي أوروبي، وسيستمر تدهور مكانتها بشكل حاد، وستدفع ثمناً سياسياً إضافياً، لأن الضم بالنسبة للأوروبيين، ليس ورقة حمراء، بل سوداء”.

ونقل عن أهارون ليشنو-يار، السفير الإسرائيلي السابق لدى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ورئيس قسم الأمم المتحدة بوزارة الخارجية، قوله إن هذا وضع سيكون قاسياً للغاية ضد إسرائيل، ويجب ألا تصل إليه.

 

نماذج من العقوبات الأوروبية على إسرائيل.. و”الأسوأ قادم”

“عربي بوست” رصد جملة من الخطوات الأوروبية المحتملة ضد إسرائيل، بحسب ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية:

  • تعليق عضويتها في اتفاقية الشراكة، التي تنظم جميع علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.
  • تجميد عضويتها كلياً أو جزئياً ببرنامج “هورايزون”، أعرق برنامج ابتكار علمي في العالم.
  • تشديد الإجراءات ضد كبار مسؤوليها من الحكومة والكنيست، وتوسيع حظر دخولهم إليها.
  • حظر الأسلحة الحكومي عليها.
  • اشتراط الحصول على تأشيرة من الإسرائيليين الداخلين لأوروبا، وحظر دخول بعضهم لدول معينة.
  • مقاطعة اقتصادية ضدها، خاصةً المنتجات القادمة من مستوطنات الضفة الغربية.

عومير تساناني، رئيس الوحدة السياسية والأمنية بمعهد ميتافيم للدراسات الإقليمية، أكد في لقاء صحفي أن “الدول الأوروبية الصديقة التي نجحت، مؤقتاً، بوقف الضرر الذي لحق باتفاقية الشراكة، ترسل رسائل إلى تل أبيب مفادها أنه لن يكون من الممكن المقاومة طويلاً.

واعتبر أن الخطورة تكمن بأن تصل مثل تلك العقوبات على رجال الأعمال والشركات الكبرى، والأوساط الأكاديمية، واصفاً ذلك بأنه “هذا هو الخطر الذي ينبغي أن يقلقنا”.

الأمر ذاته حذرت منه السفيرة التشيكية في تل أبيب فيرونيكا كوتشينوفا، التي أكدت انهيار ما وصفتها بـ”المنظومة الدفاعية عن إسرائيل في أوروبا”، مؤكدة أن ذلك في حال حدوثه، فستُعاني تل أبيب من ضربة قاسية اقتصادياً وأكاديمياً، ستُؤثّر سلباً على حياة الإسرائيليين.

وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أكدت أن هناك أغلبية متزايدة مؤيدة لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، فيما دعا وزير خارجية الدنمارك، لارس لوكا راسموسن، الذي يرأس حالياً مجلس الاتحاد الأوروبي، لتجاوز حق النقض الذي فرضته الدول الصديقة لإسرائيل.

وقال: “إن فشلنا في حظر الواردات من المستوطنات في الأراضي المحتلة، فيُمكن فرض رسوم جمركية عالية عليها، وهذا يتطلب أغلبية ساحقة فقط، وليس إجماعاً”.

إقصاء إسرائيل من معارض السلاح الأوروبية

آفي كالو، الكاتب بصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أنه في خطوة غير مسبوقة، قررت بريطانيا منع مشاركة ممثلي وزارة الحرب الإسرائيلية في معرض DSEI الدفاعي المرموق في لندن، بسبب استمرار الحرب في غزة.

ووصف ذلك بأنه “يسفر عن تضرّر صناعات إسرائيل العسكرية، ويؤثر على شركات (رافائيل، صناعات الفضاء، أنظمة إلبيت)”.

وجاء ذلك عقب خطوة فرنسية مشابهة في “معرض باريس الجوي”، وحديث عن مقاطعة وشيكة لمعرض في هولندا، ما دفع الإسرائيليين للإعراب عن قلقهم من استمرار استبعادهم من هذه المعارض التي تُمثل منصات رئيسية لشركات السلاح لعرض أحدث التقنيات، وتسويق علاماتها التجارية، واستقطاب العملاء، وتُتيح التواصل مع صانعي القرار، وتحديد الشراكات، والفوز بالمناقصات الاستراتيجية.

محللون إسرائيليون رأوا في هذه الخطوات إشارات تشعل الأضواء الحمراء لدى إسرائيل، لأنها تضرّ باقتصادها، وتحمل علامة جيو-سياسية سلبية لها تداعياتها على العلاقات الاقتصادية والأمنية الأوسع بين إسرائيل وأوروبا، فضلاً عما تشكله من فشل إداري حكومي على جميع المستويات.

وقامت دول أوروبية عدة بتأجيل إصدار تراخيص تصدير السلاح إلى إسرائيل، مثل إيطاليا وبريطانيا وهولندا وبلجيكا والدنمارك، ودعوة فرنسا وألمانيا لفرض حظر على الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في غزة، فيما رفضت موانئ إسبانيا استقبال السفن التي تحمل أسلحةً متجهة إليها، وصولاً إلى انقطاع إمدادات قطع غيار الطائرات المقاتلة من بعض دول أوروبا.

فرنسا من جهتها، قررت وضع جدران سوداء حول الأجنحة الإسرائيلية في معرض “لو بورجيه” أهم معرض جوي في العالم، وطُلب منها عدم عرض أسلحة هجومية فيه، بل أنظمة دفاعية فقط، ما دفع مدير عام وزارة الحرب، أمير برعام، لتشبيه القرار بـ”عزلنا في غيتو في مشهد يُذكّرنا بالأيام المظلمة التي فُصل فيها اليهود في أوروبا عن بقية السكان زمن الحقبة النازية”، وفقا لما ذكره تامار شيبيك في صحيفة يديعوت أحرونوت.

نير دفوري محرر الشؤون العسكرية للقناة 12، أكد أن قرار ألمانيا بحظر بعض الأسلحة عن إسرائيل سيضرّها كثيراً، لأنها تستورد 30% من وارداتها التسليحية منها، وسيتسبّب لجيشها بنقص في قطع غيار الدبابات ومحركات ناقلات الجند المدرعة، ونواقل الحركة المسؤولة عن نقل الطاقة من المحرك إلى الجنزير.

دول أوروبية عدة أصدرت قرارات ضد إسرائيل بسبب حرب غزة/ رويترز
دول أوروبية عدة أصدرت قرارات ضد إسرائيل بسبب حرب غزة/ رويترز

فرنسا.. من تحالف استراتيجي إلى خصومة

عوفر حداد مراسل الشؤون السياسية، زعم أن فرنسا أصبحت القوة الأكثر تشدداً وانتقاداً لإسرائيل في أوروبا، وأن الإسرائيليين باتوا فيها مُهددين، ويتعرضون لهجمات بشكل شبه يومي.

وأشار إلى أن فرنسا تشهد أشد التحركات السياسية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

السفير الفرنسي في تل أبيب فريدريك جورنيس، اعتبر أن جميع المشاكل التي واجهتها الدولتان مرتبطة بغزة، لكن وزير الهجرة والاستيعاب الإسرائيلي، أوفير سوفير، هاجم باريس، زاعماً أنها تفكر بمنح جائزة “للإرهاب” على شكل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

الأمر ذاته كررته وزيرة النقل ميري ريغيف، باتهام ماكرون بأنه يُقدم هدايا لحماس، في حين وصف بيان الخارجية الإسرائيلية تحركاته الرئيس الفرنسي بـ”حملة صليبية ضد الدولة اليهودية”، مهدداً بإغلاق القنصلية الفرنسية في القدس المحتلة.

تنظر الأوساط الإسرائيلية للرئيس إيمانويل ماكرون بأنه “المُبادر” بالحركة المناهضة لها في أوروبا، حتى وصل الأمر برفض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو زيارة مفترضة له لإسرائيل، مشترطاً عليه التراجع عن نيته الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

لكنه أوضح تصميمه على ذلك، ورفض الطلب الإسرائيلي، فيما خاض وزيرا خارجية إسرائيل جدعون ساعر، وفرنسا جان نويل بارو، حرب تغريدات على منصة التواصل الاجتماعي X.

يوآف إيتيل، الكاتب في موقع ويللا، ذكر أنه منذ اندلاع العدوان على غزة، ازدادت نسبة معاداة الإسرائيليين في فرنسا بنسبة 185%، وتزايد حوادث الكراهية ضد اليهود ومؤسساتهم ورموزهم، وما يتخلله من تشويه النصب التذكارية لآثار ورموز الهولوكوست.

وذكر أن كتابات غرافيتي متنوعة تم رشها على مكاتب شركات الطيران الإسرائيلية في باريس، مثل “شركة إلعال = إبادة جماعية” و”فلسطين ستنتصر”.

يتضح أن أزمة علاقات باريس وتل أبيب وصلت نقطة الغليان، حيث تشهدان خلافات غير مألوفة، ومع مرور الوقت تحولت لمواجهة مفتوحة على خلفية التوترات الدبلوماسية المحيطة بحرب غزة، ما يعني تدهورها لأدنى مستوياتها منذ عقود، بعد أن كانتا حليفتين عسكريين رئيسيتين بتاريخ استراتيجي مشترك، لكنهما وصلتا الآن لطريق مسدود.

ومع اتساع خلافهما الدبلوماسي، فقد أصبح النشاط المناهض لإسرائيل في فرنسا أكثر صراحةً وعدوانية، كما ذكر دانيال أرازي محرر الشؤون الدولية.

فيما ذكر ميشيل دوكلو، السفير الفرنسي السابق في تل أبيب، والمستشار بمعهد “مونتين”، أن “فرنسا تعمل كمحفِّز، تدفع الكتلة الغربية للنهوض من حالة الشلل التي تعيشها”، فإن كريم إيميل بيطار، خبير شؤون الشرق الأوسط بمعهد الدراسات السياسية بباريس، رأى أن “فرنسا تقف مرة أخرى بعيداً عن المحور الأمريكي الإسرائيلي، فيما تردّ إسرائيل عليها بخطاب غير متوقع تقريباً، كما لو أن خلافها مع خططها يعني الخيانة”.

أما المعلق السياسي يوسي كلاين هاليفي فرأى أن “الشعور السائد في تل أبيب أن باريس لا تنتقدها فحسب، بل تحاول عزلها”.

أما البروفيسور تال ساد، رئيس قسم دراسات الاتحاد الأوروبي بجامعة تل أبيب، فذكر أن “فرنسا دولة محورية للغاية في الاتحاد الأوروبي، وماكرون لديه جالية مسلمة، وتوجه سياسي متطرف”.

وزعمت ميخال هاتويل-رادوشيتسكي، مديرة البرنامج الدولي بمنظمة “مايند إسرائيل”، أن “ماكرون يواجه مشاكل في الداخل الفرنسي بمحاولة الظهور مثل نابليون، يُطلق مبادرات سياسية عالمية، تُظهره لاعبا مستقلا ومؤثرا”.

بريطانيا.. من وعد بلفور إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية

إيتمار آيخنر محلل الشؤون السياسية بصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وجّه إنذاراً نهائياً لإسرائيل، محذراً من أنه إذا لم تُغيّر نهجها، وتُدخل المساعدات لغزة، وتُوقف إطلاق النار، فإن بلاده ستتصرف كفرنسا، وتعترف بدولة فلسطينية، كونه يتعرّض لضغوط متزايدة من أعضاء حزب العمال الذي يتزعمه.

ووقّع ثلث أعضاء حزب العمال على رسالة تدعو ستارمر لاعتراف فوري بالدولة الفلسطينية، تقدمت بها سارة تشامبيون، رئيسة لجنة التنمية الدولية في البرلمان.

ووقّع عليها أكثر من 255 نائباً، فيما دعا النائبان جون ماكدونيل وزارا سلطانة، لمنع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ من دخول بريطانيا، بل واعتقاله، كما ذكرت صحيفة معاريف.

وواصلت بريطانيا تشديد لهجتها باتجاه إسرائيل، فصرّح وزير الخارجية ديفيد لامي بأنه “غاضب” من عدم سماحها بدخول مساعدات كافية إلى غزة، واصفاً ما يحصل فيها بأنه “ليس كارثة طبيعية، بل مجاعة من صنع الإنسان في القرن الحادي والعشرين”.

ودأب على تصعيد لهجته ضدها أسبوعياً تقريباً، مهاجماً الوزيرين إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش في خطابه أمام البرلمان، قبيل فرض العقوبات البريطانية عليهما.

وفي استطلاع رأي بريطاني، وصفت الصحافة الإسرائيلية نتائجه بالصادمة، أكد واحد من كل خمسة بريطانيين أن لديه رأياً معادياً لإسرائيل، و60% منهم يعتقدون أنها تتصرف مثل نظام هتلر النازي، وثلثهم فقط يعتقدون أن لها الحق في الوجود، ويشعر 49% بعدم الارتياح لقضاء الوقت مع من يُؤيدها علناً.

واعتقد 58% أن لإسرائيل ولمؤيديها تأثيراً سلبياً على الديمقراطية، فيما برر خُمس البريطانيين هجوم السابع من أكتوبر، وفقاً لما كشفه يوآف شوستر مندوب موقع ويللا.

رغم وجود اللوبي الصهيوني في بريطانيا إلا أن حرب غزة أثارت احتجاجات واسعة ضد إسرائيل هناك/ عربي بوست
رغم وجود اللوبي الصهيوني في بريطانيا إلا أن حرب غزة أثارت احتجاجات واسعة ضد إسرائيل هناك/ عربي بوست

إيطاليا.. حكومة يمينية، لكن بمواقف معادية لإسرائيل

رغم العلاقة الوثيقة التي ربطت رئيسة الوزراء جورجيا مالوني، بنظيرها الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنها لم تتردد بإدانة إسرائيل بسبب حرب غزة.

ووصفت مالوني هجمات إسرئيل بـ”غير المتناسبة”، لأنها أسفرت عن عدد كبير جداً من الضحايا الأبرياء، وهو انتقاد غير مألوف منها، داعية لإنهاء توسع المستوطنات في الضفة الغربية.

دانيئيل باتيني، مبعوث صحيفة يديعوت أحرونوت للساحة الأوروبية، ذكر أن وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروستو، هاجم بحدّة الحكومة الإسرائيلية بسبب استمرار الحرب، قائلًا إنها “فقدت العقل والإنسانية”، دون استبعاد فرض عقوبات محتملة عليها، مؤكداً أن “ما يحدث غير مقبول، لأننا لسنا أمام عملية عسكرية بأضرار جانبية، لذلك علينا إيجاد طريقة لإجبار نتنياهو على التفكير بوضوح، بعيداً عن الإدانات”.

وقال: “يجب إنقاذ إسرائيل من حكومتها”.

تأتي هذه التصريحات في وقت تمرّ فيه علاقات إيطاليا وإسرائيل بحالة متوترة للغاية، وقد يؤدي ذلك لتفاقم الأزمة، بالتزامن مع تحذير وزير الخارجية أنطونيو تيني لإسرائيل من أن أي غزوٍ محتملٍ لغزة قد “يُصبح فيتنام لجنودها”.

إسبانيا.. ذروة الهجوم الأوروبي على إسرائيل

تدهورت علاقات تل أبيب ومدريد بسرعة منذ اندلاع حرب غزة، ويُعدّ رئيس وزرائها بيدرو سانشيز أول زعيم أوروبي كبير يتهمها بارتكاب إبادة جماعية، واصفاً ردّ فعل الاتحاد الأوروبي على الحرب بأنه “ضعيف، وهذا فشلٌ ذريع غير مقبول، لأنه يُطبّق معايير مزدوجة بين إسرائيل وأوكرانيا”.

ولم تتردد تيريزا ريفيرا، المحامية الإسبانية، والنائبة الأولى لرئيسة المفوضية الأوروبية، بمقارنة الوضع في غزة بمعاناة اليهود في غيتو وارسو خلال المحرقة.

وتسبب قرار إسبانيا فرض حظر أسلحة على إسرائيل، بشن هجوم عليها من وزير الخارجية جدعون ساعر، الذي وصف رئيس وزرائها ووزراءه بـ”المنحرفين الذين برروا هجوم السابع من أكتوبر، واختاروا منذ زمن طويل الوقوف بجانب حماس، وضد إسرائيل، وهذا أمر مشين”.

دفع ذلك مدريد لإعادة سفيرها في تل أبيب للتشاور، وفقاً لما ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت.

دودي كوغان مراسل صحيفة إسرائيل اليوم، رصد تسع خطوات إسبانية ضد إسرائيل “لوقف الإبادة الجماعية في غزة”، أهمها حظر شامل على توريد الأسلحة إليها، ومنع السفن التي تساعد جيشها من الرسوّ في موانئها.

فيما ردّت إسرائيل عليها بخطوات مقابلة، تمثلت بمنع دخول نائبة رئيس الوزراء ووزيرة العمل، يولاندا دياز، إليها، بعد انتقادها، واتهامها بارتكاب جرائم حرب، وإعلانها أن “فلسطين ستتحرر من البحر إلى النهر”، وفرض عقوبات على وزيرة الشباب والطفولة، سييرا ريغو، بزعم تبريرها لهجوم السابع من أكتوبر، ودعت لاحقاً لقطع العلاقات تماماً، وفرض عقوبات على إسرائيل، ووصفتها بـ”دولة إبادة جماعية”.

ورفضت إسرائيل دخول رئيس بلدية برشلونة الإسبانية، جاومي كولبوني، عقب تشهيره بها، ومشاركته في إجراءات مقاطعة ضدها، وموافقته على خطوة حاسمة لقطع العلاقات المؤسسية معها، احتجاجاً على انتهاك حقوق الإنسان في غزة، وحظيت الخطوة بدعم الأحزاب اليسارية: الاشتراكيون، الشيوعيون، الحزب اليساري الجمهوري.

وتضمن القرار إعادة إلغاء تحالف المدينتين التوأمين بين برشلونة وتل أبيب، ومنع معرض فيرا دي برشلونة التجاري الدولي من استضافة الوفود الإسرائيلية، والطلب من ميناء المدينة الرئيسي عدم السماح برسو سفن الأسلحة المتجهة لإسرائيل، وفقا لما ذكره أفيخاي حاييم الكاتب في موقع ويللا.

آنا بارسكي محررة الشؤون السياسية في صحيفة معاريف، اعتبرت مواقف مدريد تجاه تل أبيب تعبيراً عن نهج عدائي ومتسق، يضعها في طليعة المعسكر المعادي لها في القارة الأوروبية.

حتى أن وزير الخارجية غدعون ساعر، اتهم قادتها بـ”تجاهل ما فعله أسلافهم باليهود عبر التاريخ، بجانب محاكم التفتيش، والإجبار على تغيير ديانتهم”، مع العلم أن جزءً أساسيا من الموقف الإسباني المعادي لإسرائيل يعود للذاكرة الجماعية بشأن الحرب الأهلية المروعة في ثلاثينيات القرن الماضي، فما يرونه في غزة يُذكّرهم بها، فيُسقطوا على إسرائيل النظام الفاشي الذي حكم بلادهم، وفقا لتوصيف صحيفة إسرائيل اليوم.

ألمانيا… التخلص التدريجي من “عقدة الذنب” النازية

بعد ساعات قليلة من القرار الإسرائيلي باحتلال مدينة غزة، بدت التداعيات السياسية جلية، فقد أعلن مستشار ألمانيا فريدريك ميرتس، التي تعد “أهم أصدقاء إسرائيل في أوروبا والدولة الرئيسية فيها”، بحسب التوقف عن نقل الأسلحة إليها التي يُمكن استخدامها في الحرب.

وأعرب المستشار الألماني عن قلقه البالغ إزاء وضع المدنيين في غزة، وجاء قراره عقب دعوات داخل ائتلافه لتشديد لهجته تجاه إسرائيل، بسبب الحرب المطولة في غزة، وتفاقم أزمة التجويع فيها، وفقا لما ذكره إيتمار آيخنر المراسل في صحيفة يديعوت أحرونوت.

وتأتي المواقف الألمانية ضد إسرائيل، في ظل تحذيرات من تزايد عزلتها السياسية والاقتصادية.

وسبق أن أعلنت برلين حظراً جزئياً على الأسلحة إلى إسرائيل، بعد أن كان برلمانها أصدر تراخيص لتصدير أسلحة لإسرائيل بقيمة 485 مليار يورو بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، و13 مايو/أيار 2025.

موريل أسبورغ، الباحثة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، ذكرت لموقع ويللا، أنه في الوقت الذي امتنعت فيه ألمانيا عن اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه إسرائيل، لكن 66% من مواطنيها يطالبونها بزيادة الضغط عليها، وسط غضب شعبي متزايد.

ويمكن وصف خطوتها بـ”طلقة تحذيرية”، ويعكس تحوّلًا في رأيها العام، حتى أن الحزب الشريك في الائتلاف الحاكم “الديمقراطيون الاجتماعيون”، يتخذ موقفًا أكثر صرامة ضد إسرائيل، مطالباً بفرض عقوبات عليها، بحسب موقع ويللا.

وقال أديس أخماتوفيتش، المتحدث باسم الائتلاف الحاكم، إن تعليق شحنات الأسلحة ليس سوى الخطوة الأولى، ويجب اتخاذ خطوات أخرى، مثل تعليق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

فيما اتهمت مجلة دير شبيغل إسرائيل بانتهاك القانون الإنساني الدولي، وحمل أحد أغلفتها صورة لنساء من غزة يحملن أوعية فارغة، مع عنوان رئيسي: “جريمة”.

وأشارت صحيفة بيلد، لما وصفته تنامي المشاعر المعادية لإسرائيل، فيما قامت منظمة طلابية يسارية بارزة تابعةٍ لحزب اليسار الألماني (دي لينكه) بتوزيع “حزمة مواد” مُفصّلةٍ مُصممةٍ لتسهيل الاحتجاجات المُناهضة لإسرائيل في جميع أنحاء البلاد، وتتضمن تعليماتٍ لتنظيمها، ونشر خطابٍ تحريضيّ، وتضخيم رواياتٍ تعكس دعاية حركة حماس، ووصف الأحداث في غزة بأنها “إبادة جماعية”.

وهذه الحادثة غير المعزولة، جزء من تحول أيديولوجي أعمق يحدث في الجامعات الألمانية، وفقا لما كشفه دانيال أرازي مراسل القناة 12.

اتهامات في ألمانيا لإسرائيل بانتهاك للقانون الدولي في غزة/ الأناضول
اتهامات في ألمانيا لإسرائيل بانتهاك للقانون الدولي في غزة/ الأناضول

السويد وسلوفينيا وبلجيكا وهولندا والنرويج والدانمارك

أكد رئيس الوزراء السويدي أولاف كريسترسون، أن “الوضع في غزة خطير للغاية، وإسرائيل لا تفي بالتزاماتها الأساسية واتفاقياتها المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، ونحن نطالب الاتحاد الأوروبي بتجميد الشق التجاري من اتفاقية الشراكة مع إسرائيل فورًا”.

وطالب بزيادة الضغط الاقتصادي على إسرائيل، للسماح بوصول حرّ وغير مقيد للمساعدات الإنسانية إلى غزة، وفقاً لما ذكره يوآف إيتيل من موقع ويللا.

أما صحيفة يديعوت أحرونوت، فذكرت أن سلوفينيا، الدولة البلقانية، أول دولة أوروبية تفرض حظراً شاملاً على توريد الأسلحة لإسرائيل بسبب حرب غزة، “ما يجعلنا أمام سابقة لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي”.

كما منعت سلوفينيا الوزيرين سموتريتش وبن غفير من دخول أراضيها.

فيما أعلن وزير خارجية بلجيكا ماكسيم برافو، أن بلاده ستفرض سلسلة عقوبات صارمة على إسرائيل، في ضوء المأساة الإنسانية التي تشهدها غزة، والعنف الذي تمارسه في انتهاك للقانون الدولي، ما دفع نتنياهو لمهاجمة نظيره البلجيكي بارت دي ويت، واتهمه بـ”القائد الضعيف الساعي لاسترضاء الإسلاميين بالتضحية بإسرائيل”، وفقاً لما نقله دودي كوغان مبعوقث صحيفة إسرائيل اليوم.

واستدعت الخارجية البلجيكية السفير الاسرائيلي لديها للتعبير عن معارضتها المطلقة لقرار احتلال مدينة غزة.

غاي ألستر الكاتب بموقع ويللا، ذكر أن وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب، استقال احتجاجاً على عدم اتخاذ قرار بفرض عقوبات على إسرائيل، لزيادة الضغط عليها، بعد أن أعلن أن بن غفير وسموتريتش غير مرغوب بهما في بلاده.

وأكد أن “الحرب على غزة فقدت مبررها الآن، ولذلك يجب أن تنتهي، وأن حكومة نتنياهو فقدت شرعيتها في نظر العالم”.

ولأول مرة، اتفقت الأجهزة الأمنية المختلفة في هولندا: المخابرات العامة (AIVD)، الاستخبارات العسكرية (MIVD)، والمنسق الوطني لمكافحة الإرهاب والأمن (NCTV)، على تصنيف إسرائيل بأنها “تهديد أمني مباشر” للبلاد.

أما صندوق الثروة السيادية النرويجي، الذي يُدير أصولًا بقيمة تريليوني دولار، فسحب استثماراته من إسرائيل، وإلغاء عقود إدارة الأصول فيها، بناءً على طلب الحكومة مراجعة استثماراته فيها في ضوء الاتهامات الدولية لها بارتكاب “إبادة جماعية في غزة”.

وتوقع وزير المالية النرويجي ينس ستولتنبرغ، أن يتخذ الصندوق خطواتٍ أخرى تجاه إسرائيل، لأنه لا يُسمح له بالاستثمار في شركات تُساهم في احتلال الضفة الغربية، والحرب على غزة، قائلاً: “يجب أن نلتزم بالمبادئ الأخلاقية للمؤسسة”، وفقاً لما نقله آساف روزنزويغ مراسل القناة 12.

من جهتها، انتقدت رئيسة الوزراء الدنماركية مادا فريدريكسن، نتنياهو، ووصفته بأنه “يُمثل مشكلة بحدّ ذاته، وستكون إسرائيل أفضل حالاً لو لم يكن رئيساً للوزراء، لأن حكومته تجاوزت الحدود”.

وشددت على أن “الصور القادمة من غزة تؤكد أن الوضع كارثي، وأنها صور مروعة، ولأطفال بلا طعام، وبلا دواء، وتحت الأنقاض، ولمعاناة إنسانية لا تُصدق، ولا يمكن تبريرها”، مؤكدة أن “هجوم نتنياهو العنيف للغاية على غزة أمرٌ غير مقبول، لأنه يضعنا، وبقية العالم، في مأزقٍ عصيب للغاية”.

اسكتلندا واليونان وإيرلندا.. الإسرائيليون غير مرغوب بهم

دانيال أرازي من القناة 12، ذكرت أن حكومة اسكتلندا رفعت العلم الفلسطيني فوق مبانيها الرسمية، وأوقفت التمويل العام للشركات التي تُورّد الأسلحة لإسرائيل، مُمثلةً واحدة من أقوى الانتقادات الرمزية لسياستها.

واعتبر أن “التداعيات السياسية لذلك، تعكس توترات أعمق وأكثر تنامياً بينهما”.

في حين وصف بيان صادر عن الوزير الأول، جون سويني، الخطوة بأنها ردّ إنساني وأخلاقي على الإبادة الجماعية في غزة.

وإضافة لتعليق المنح والاستثمارات المرتبطة بشركات الأسلحة التي تُتاجر مع إسرائيل، فقد قررت اسكتلندا منع الوكالات الحكومية من دعم التجارة معها، في حين حافظت الأحزاب الوطنية والخضر ومعظم اليسار والعمال، على موقف ثابت مؤيد للفلسطينيين لأكثر من عقد، ومنها دعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS).

ودعا النائب الأخضر، باتريك هارفي، الحكومة، للمُضيّ قدماً، وتبنّي نظام عقوبات شامل ضد إسرائيل، وبينما أُضيئت المواقع السياحية في لندن باللونين الأزرق والأبيض الإسرائيليين بعد هجوم السابع من أكتوبر، فقد رفض البرلمان الاسكتلندي رفع العلم الإسرائيلي”.

ووصفت القناة 12 هذه تحركات بأنها أكثر من مجرد لفتات رمزية؛ “بل تعكس تحولاً مُقلقًا، وإشارة سياسية وضعت اسكتلندا فعلياً في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، التي تسرّب العداء لها، والتعاطف مع الفلسطينيين، إلى الملاعب والشوارع واتحادات الطلاب والأماكن الفنية”.

يوآف إيتيل الكاتب في موقع ويللا، ذكر أن رئيس بلدية أثينا، العاصمة اليونانية، هاريس دوكاس، رفض انتقادات السفير الإسرائيلي، ناعوم كاتس، الذي اتهم بلديته بالفشل في التعامل مع الكتابات الغرافيتية المعادية لإسرائيل في المدينة، مثل “اقتلوا الصهاينة، أنقذوا الأرواح في غزة”.

وردّ عليه بوصف أفعالها في غزة بـ”إبادة جماعية”، مخاطباً إياه أن “أثينا لا تحتاج دروسا في الديمقراطية ممن يقتلون المدنيين والأطفال المنتظرين في طوابير المساعدات الغذائية”.

فيما خطط ناشطون مؤيدون للفلسطينيين لمظاهرات في 25 منطقة مختلفة في اليونان تحت شعار “ليس على أرضنا، ليس باسمنا”، لتقويض فكرة أن اليونان ملاذٌ لجنود الاحتلال، ضمن حملة دولية باسم “يوم التحرك من أجل غزة”.

وتُصوّر الحملة إسرائيل كدولة ترتكب “إبادة جماعية”، وتدعو للتضامن مع الفلسطينيين في أبرز الوجهات السياحية في اليونان.

غلعاد شالمور مراسل القناة 12، أكد أنه بعد أن كانت اليونان وجهة مُفضلة للإسرائيليين، فقد أصبحت مكانًا يُخشى منه في نظر العديد منهم، بعد أن باتت مدنها، تعجّ باللافتات والنقوش المعادية لإسرائيل.

وقال: “صحيح أن الدولتين صديقتان وحليفتان، لكن الشباب اليوناني يدعمون الفلسطينيين، وهو ما أوضحه جورج تسوغوبولوس، خبير السياسة الخارجية بمركز بيغن- السادات، بقوله إن العلاقات الدبلوماسية بين اليونان وإسرائيل متينة للغاية، لكن الرأي العام، الذي أيد إسرائيل بقوة في بداية الحرب، ازداد انتقاده لها مع استمرارها، وبات يعتبر أن ما تقوم به حماس دفاع عن النفس، وإن هجوم السابع من أكتوبر نتيجة سنوات طويلة”.

على صعيد إيرلندا، فقد أعلن الرئيس مايكل هيغينز أن “ما تشهده غزة هي حقبة مأساوية، فأطفالها يعانون من صدمة الإذلال، وإسرائيل ترتكب الإبادة الجماعية”.

واعتبرت ميخال هاتويل-رادوشيتسكي، مديرة البرنامج الدولي بمنظمة “مايند إسرائيل”، أن إيرلندا رسّخت مكانتها خلال الحرب كأكثر دولة معادية لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي، وانضمت للدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدها، واعترفت مبكراً بالدولة الفلسطينية، وهددت باعتقال نتنياهو إذا زار أراضيها، مما دفع إسرائيل لإغلاق سفارتها.

 

 

 

مطار بن غوريون الإسرائيلي/أرشيفية – الأناضول

مع تنامي الغضب إزاء تفشي المجاعة في قطاع غزة، وسلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تزايدت مظاهر العداء للإسرائيليين حول العالم، وأصبحت إسرائيل تخاطر بأن تصبح منبوذة دولياً.

ومنذ أن قطعت إسرائيل المساعدات في مارس/ آذار الماضي، تزايدت المجاعة في القطاع، وشاب جهود دولة الاحتلال لإنشاء نظام توزيع خاص بها حالة من الفوضى، ما تسبب في استشهاد المئات من الفلسطينيين فيما بات يعرف بـ”مصائد الموت” بمناطق توزيع المساعدات.

لكن في الآونة الأخيرة، تزايدت ردود الفعل الغاضبة لاسيما في الأوساط الغربية تجاه المجاعة في قطاع غزة، وبدأت مؤسسات صحفية كبرى في التركيز على مشاهد الجوع والانهيار الإنساني الواسع في القطاع.

كما ساهمت الانتقادات الأممية والحقوقية، إلى جانب تصريحات من حكومات غربية، في تحويل “حرب التجويع” التي انتهجها نتنياهو ضد غزة، إلى نقمة ضده وضد الإسرائيليين.

معظم الإسرائيليين يخشون التعرض لأذى محتمل أثناء السفر

وأظهر استطلاع رأي نشرته صحيفة “معاريف” العبرية، أن معظم الإسرائيليين يخشون التعرض لأذى محتمل أثناء السفر إلى دول أوروبية.

وفقاً للاستطلاع، فإن 61% من المشاركين أبدوا خشيتهم من التعرض لأذى بسبب ما أسموه “معاداة السامية” إذا سافروا إلى دول أوروبية.

أبرز مشاهد الحوادث ضد الإسرائيليين حول العالم:

وتشير الصحيفة العبرية إلى أن الفترة ما بين مايو/ أيار وأغسطس/ آب 2025، سجلت رقماً قياسياً جديداً في حوادث ما يسمى “معاداة السامية” حول العالم، لافتة إلى أن العديد من الدول أفادت بزيادة في عدد وشدة هذه الحوادث.

وزعمت “معاريف” و”يديعوت أحرونوت” أن الحوادث تنوعت ما بين الاعتداءات الجسدية والتخريب وصولاً إلى محاولات الإقصاء والتحريض في المناسبات العامة، ويتجلى ذلك بشكل خاص في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.

في الولايات المتحدة:

  • قُتل موظفو السفارة الإسرائيلية في مايو/ أيار 2025 على خلفية الحرب على غزة.
الجوع يضرب قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي shutterstock
الجوع يضرب قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي shutterstock
  • سجلت 8873 حادثة ضد اليهود في الولايات المتحدة عام 2023، بزيادة قدرها 140% عن العام السابق، واشتدت هذه الظاهرة في عامي 2024 و2025، لاسيما في الجامعات مثل جامعة كولومبيا.

في كندا:

  • سُجلت زيادة بنسبة 670% في الحوادث ضد اليهود خلال عام 2024، مع زيادة ملحوظة عام 2025.
  • من بين التقارير، محاولات إحراق مؤسسات يهودية، وإطلاق نار، ومظاهرات عنيفة في الجامعات رافقتها هتافات معادية لإسرائيل، وانتشار شعور بانعدام الأمن بين الطلاب اليهود.

في أستراليا:

  • تم الإبلاغ عن أكثر من 600 حادثة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بزيادة قدرها 738% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، وفي عام 2024 وحده سجلت زيادة بنسبة 320% في إجمالي الحوادث، 260% منها حوادث جسدية.
  • في يوليو/ تموز 2025، سجلت عدة حوادث بما في ذلك محاولة إحراق كنيس يهودي في ملبورن وهجوم على مطعم إسرائيلي.

في بريطانيا:

  • شهدت بريطانيا احتجاجات حاشدة مناهضة لإسرائيل في يوليو/ تموز 2025، شارك فيها النائب السابق جيرمي كوربين، وشهدت إحداها هتافات معادية للصهيونية، ورفع أعلام حركة حماس.
  • تم الإبلاغ عن كتابات جدارية ضد إسرائيل في أماكن ترفيهية بلندن الشهر الماضي، فيما في ذلك تهديدات ضد مؤسسات تعليمية يهودية.
  • وفقاً لمنظمة (CST) المسؤولة عن حماية الجالية اليهودية في المملكة المتحدة، تم الإبلاغ عن 4103 حوادث ضد اليهود عام 2023، بزيادة قدرها 100% عن العام الذي سبقه، واستمر هذا الاتجاه في النصف الأول من عام 2025.

في فرنسا:

  • سُجلت زيادة بنسبة 300% في الحوادث ضد اليهود في الربع الأول من عام 2024، ويُقدر أن يستمر هذا الاتجاه في الفترة من مايو/ أيار إلى أغسطس/ آب 2025.
  • تصريحات رسمية بما فيها من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يزعم الإسرائيليون أنها تضفي “معاداة السامية”.

في إسبانيا وإيرلندا:

  • في يوليو/ تموز 2025، طُرد حوالي 50 يهودياً فرنسياً من طائرة تابعة لشركة طيران فويلينغ بعد أن غنوا أغاني باللغة العبرية.
  • ارتفاع ملحوظ في التعبيرات المعادية لإسرائيل على المستويين المؤسسي والشعبي في إسبانيا وإيرلندا.

في بلجيكا:

  • محاولات لمقاطعة حفل يشارك فيه المغني الإسرائيلي أميرة حداد، الجندي السابق في جيش الاحتلال.
  • اعتقال جنود إسرائيليين في مهرجان موسيقي بتهمة ارتكاب “جرائم حرب”.

في اليونان:

وجّه مجلس الجالية اليهودية في اليونان تحذيراً رسمياً بشأن تزايد الحوادث ضد الإسرائيليين منذ بداية الصيف، أبرزها:

  • الاعتداء على مدرب المنتخب الوطني الإسرائيلي لكرة القدم ران بن شمعون في أثينا.
  • تعرض سائح إسرائيلي للهجوم في جزيرة يونانية.
  • تعرض إسرائيليين اثنين لاعتداء في جزيرة رودس اليونانية.
  • كما فرت سفينة إسرائيلية تحمل سياحاً إسرائيليين من جزيرة سيروس بعد تجمع متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين عند رصيف الميناء.

في دول أوروبية أخرى

  • في ألمانيا، تزايدت الحوادث ضد اليهود خلال الفترة ما بين مايو/ أيار وأغسطس/ آب 2025، ووفقاً لبيانات منظمة “رياس” فقد تضاعفت الحوادث تقريباً في عام 2024، وفي برلين وحدها سُجلت 1383 حالة في النصف الأول من ذلك العام.
  • أفاد تقرير قُدم إلى البرلمان الفنلندي في أوائل عام 2025، أن 83% من اليهود في البلاد ذكروا أنهم مروا بحوادث “معادية للسامية”، لاسيما في سياق الخطاب العام وعلى الشبكات الاجتماعية، وأن 70% من اليهود يخشون الاعتداء اللفظي أو الجسدي.
مظاهرات داعمة لغزة في برلين/ الأناضول
مظاهرات داعمة لغزة في برلين/ الأناضول
  • في العاصمة النمساوية فيينا، سُئل داخل مطعم موسيقيون إسرائيليون عن اللغة التي يتحدثون بها، وعندما أجابوا “العبرية”، طُردوا على الفور، دون أن يدافع عنهم أحد في المطعم.
  • شهدت سويسرا ارتفاعاً حاداً في الحوادث ضد اليهود في جميع أنحاء البلاد، لاسيما في ظل الاحتجاجات المتعلقة بالحرب في إسرائيل.

إسرائيل تواجه “تسونامي دبلوماسي”

تقول صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إن الحوادث الأخيرة ضد الإسرائيليين تسلط الضوء على حقيقة صارخة، وهي أن إسرائيل تواجه “تسونامي دبلوماسي، وعاصفة من الكراهية والعزلة والإدانة والمقاطعة واسعة النطاق”.

كما لم تقتصر العزلة على الشارع والرأي العام العالمي، بل امتدت إلى المؤسسات الرسمية والدولية، فقد وافقت المفوضية الأوروبية على توصية بتعليق مشاركة إسرائيل جزئياً في برنامج “هورايزون 2020″، وهو أكبر برنامج بحثي في الاتحاد الأوروبي وتبلغ ميزانيته مليارات اليوروهات.

وتزداد العزلة الدبلوماسية الإسرائيلية، سواء في المؤسسات الدولية أو في العلاقات الثنائية، وبينما أعرب جمهوريون، بمن فيهم أقوى حلفاء إسرائيل، عن قلقهم إزاء الوضع الإنساني في غزة، يتزايد في أوروبا الزخم للاعتراف بدولة فلسطينية، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

فيما انضمت ألمانيا، حليف إسرائيل التاريخي، إلى بريطانيا وأستراليا وكندا وفنلندا والبرتغال، بالإعلان أنهم يخططون للاعتراف بدولة فلسطينية خلال قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة.

وشددت “يديعوت أحرونوت” على أن إسرائيل تحتاج إلى وقف إطلاق النار في غزة، ليس فقط من أجل استعادة الأسرى الإسرائيليين، بل أيضاً لتخفيف الضغط الدولي الذي يسحقها ويسحق معها الجاليات اليهودية حول العالم.

وأضافت أن إسرائيل لا تملك رفاهية الاستمرار في الوضع الراهن، فبدون تغيير، سيتدهور وضعها الدبلوماسي، مؤكدة أن الأزمة الإنسانية في غزة باتت تشكل نقطة ضعف لإسرائيل.

فيما تشدد صحيفة “هآرتس” على أن سلوك إسرائيل في الأشهر الأخيرة، والذي حولها إلى دولة منبوذة، بل شبه دولة مارقة، هو نتاج مزيج قاتل من إنكار الواقع والغطرسة، والتي تقودها إلى حافة الهاوية.

وأضافت أنه من السهل ما اتهام بريطانيا وفرنسا بالانجراف وراء برلمانات اليسار وسكانهما المسلمين، ولكن الكراهية تجاه إسرائيل، وموجات التعاطف التي حظي بها أهل غزة، ليست حكراً على أوروبا الغربية. ففي أجزاء كبيرة من “أمريكا ترامب”، يتجاوز انتقاد إسرائيل، الذي أصبح جزئياً كراهية حقيقية، الحدود الحزبية.

ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن محلل الشؤون السياسية الإسرائيلية، ناتان ساكس، أن “الرأي الإسرائيلي السائد هو أن الأزمة في غزة مجرد مشكلة مؤقتة، لكن هذا يمثل قراءة خاطئة للوضع العالمي، لأنه يسرع من وتيرة التحول العالمي ضد إسرائيل، والذي له آثار وخيمة، وخاصة بين الشباب”.

ويقول دانييل ليفي، المفاوض السابق في حكومات حزب العمل في إسرائيل، إن النقاش المتزايد حول ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية يعكس أيضاً كيف “حدث تحول أساسي في كيفية النظر إلى إسرائيل”.

ويشير إلى تحول ثقافي حاد، مع مظاهرات معادية لإسرائيل ومؤيدة للفلسطينيين، في أماكن مثل دور الأوبرا والمهرجانات الموسيقية. وقد وجهت نجمات موسيقى البوب، مثل بيلي إيليش وأريانا غراندي، نداءات قوية لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات إلى الفلسطينيين في غزة.

من جهته، يقول جيفري سي. هيرف، أستاذ التاريخ بجامعة ماريلاند الأمريكية، إنه لاحظ تحولاً نحو “معاداة الصهيونية” حتى في الأوساط الأكاديمية والمجتمعية، وتوقع استمراره.

وألقى الأكاديمي الأمريكي باللوم على نتنياهو لفشله في إدراك أن الحرب على حماس هي حرب سردية سياسية، وأشار إلى أن “ردود الفعل هي علامة على عدم كفاءة إسرائيل”.

 

 

Read Previous

محافظ طرطوس ينفي مزاعم حول اتفاق مع روسيا للانسحاب من الساحل السوري

Read Next

تفكيك خلية لـ”داعش” في ريف دمشق وضبط أسلحة وأحزمة ناسفة

Most Popular