سجّلت منطقة شمالي غربي سوريا، خلال الأيام الماضية، ارتفاعاً كبيراً في عدّاد إصابات فيروس كورونا المستجد، الأمر الذي أدى إلى حالة استنفار في القطاع الطبي بإدلب وريف حلب، أمام توافد الإصابات إلى مستشفيات المنطقة المخصصة لاستقبال وعزل مرضى كورونا.
وزاد الموقف خطورةً ما بات يعرف بـ”الطفرة الجديدة” وهي ظهور متحورات من سلالتي “ألفا ودلتا” بين إصابات كورونا المسجّلة، ما دفع منظمات محلية إنسانية إلى دقّ ناقوس الخطر.
40% من الإصابات هي بمتحور دلتا
في مراقبة لأعداد الإصابات الصادرة عن شبكة الإنذار المبكّر التابعة لوحدة تنسيق الدعم، يظهر جلياً تزايد أعداد الإصابات في المنطقة ومحافظة إدلب تحديداً، وهو ما يؤكده الطبيب محمد شهم المكي مدير مختبر الترصد الوبائي في إدلب التابعة للوحدة.
وقفزت أعداد الإصابات بشكل كبير في محافظة إدلب خلال الأيام القليلة الماضية، إذ سجلت في 15 من آب 179 إصابة جديدة، والـ 16 منه 224 إصابة، و227 إصابة يوم الثلاثاء الفائت و275 إصابة يوم أمس الأربعاء، وبالتوازي مع ارتفاع أعداد الإصابات زادت عمليات نقل وإسعاف المصابين بشكل طردي.
وقال “المكّي” في حديث لموقع تلفزيون سوريا إنّ “عدّاد الإصابات بدأ بالتزايد منذ نحو أسبوعين، وما زال في تزايد مستمر”، حيث تزامن ذلك مع ظهور سلالات جديدة من الفيروس بنسبٍ متفاوتة وهي على نوعين حتى الآن “دلتا وألفا”.
في هذا السياق، يوضح “مكّي” أن سلالة “دلتا” ظهرت بنسبة 40 في المئة من الإصابات، في حين إنّ “ألفا” سجلت نسبة 20 في المئة منها، لافتاً إلى أنّه لا أسباب معينة حول تزايد أعداد الإصابات بالفيروس، وهو ما يمكن وصفه بـ”الطفرة”.
المستشفيات مليئة
على نحو متسارع أوشكت مستشفيات محافظة إدلب الستة المخصصة لمرضى كورونا على الامتلاء، بالإضافة إلى مستشفى سابع في مدينة دارة عزة غربي حلب.
يقول الطبيب حسام قرة محمد – مسؤول ملف كورونا في مديرية صحة إدلب – إنّ “الإصابات خلال الـ72 ساعة الماضية تزايدت بشكل ملحوظ، وهو إنذار عالي الضجيج، والمراكز والمستشفيات على أهبة الاستعداد أمام هذه الأعداد الكبيرة”.
وأضاف “قرة محمد” لموقع تلفزيون سوريا أنّه “حتى اليوم ما زالت متابعة المرضى مضبوطة إلا أنّ الوضع لا يدعو للاطمئنان على اعتبار أنّ أعداد الإصابات كبيرة والإمكانيات قليلة”.
ويؤكد محدثنا أن “المستشفيات والمراكز والكوادر الصحية في حالة استنفار عام، على الرغم من أنّها أصبحت شبه مليئة بالمرضى”.
وتضمّ مستشفيات إدلب المخصصة لـ كورونا نحو 140 غرفة عناية، و280 جناحاً، بحسب إحصاءات، حصل عليها موقع تلفزيون سوريا من “صحة إدلب”.
ويوضح موسى زيدان – منسق إعلامي في الدفاع المدني السوري – لموقع تلفزيون سوريا أنّ فرق الدفاع نفّذت نحو 37 عملية ميدانية من نقل حالات إصابة ودفن 7 وفيات بفيروس كورونا، خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وتتصدر منطقة عفرين شمال غربي حلب وحارم شمالي غربي إدلب قائمة المدن التي تتركز فيها أعلى أعداد إصابات كورونا. حيث سجل فريق “منسقو استجابة سوريا” خلال الفترة الممتدة من 1 إلى 15 من آب، 492 إصابة في منطقة حارم، و338 إصابة في عفرين.
وأكد الفريق على أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية والتأكد من تطبيقها، وأيضاً تلقي اللقاح من قبل سكان المنطقة المحليين، فيما حذّرت فرق الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) من بدء ذروة جديدة للجائحة، داعيةً إلى المسارعة لأخذ اللقاح.
وقالت “الخوذ البيضاء” إنّ الفرق التابعة لها مستمرة في عمليات التطهير الوقائي والتعقيم في المخيمات والمدارس والمساجد والمرافق العامة لتقليل فرص انتشار الوباء، إضافةً إلى لصق برشورات توعية بطرق الوقاية منه.
نفور من اللقاح
ما تزال منطقة شمالي غربي سوريا تعاني من حالة نفور حقيقية شعبياً من لقاح كورونا، وهو ما تدلل عليه الأرقام، إذ كشفت مديرية صحة إدلب عن نحو 35 ألف نسمة فقط وصل إليهم اللقاح بما يشمل الكوادر الطبية والإنسانية وأصحاب الأمراض المزمنة.
في هذا السياق، يؤكد محدثنا “قرة محمد” على أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية والكمامات، إضافة إلى تلقي اللقاح، موضحاً أنّ نسبة 2 في المئة فقط، من السكان تلقوا لقاح “كورونا” في المنطقة وهي نسبة خطيرة جداً.
ووصلت، أمس الثلاثاء، الدفعة الثانية من لقاح “أسترازينيكا” البريطاني المنشأ إلى محافظة إدلب، وتضم نحو 36400 جرعة، في حين بلغت أعداد الدفعة الأولى 54 ألف جرعة، وقال “قرة محمد” إنّ الدفعة الثانية ستشمل بالإضافة إلى الكوادر الطبية والإنسانية وأصحاب الأمراض المزمنة، المسنين والمشتغلين بالشأن العام.