شدد تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” على تحول جماعة أنصار الله “الحوثي” في اليمن إلى قوة يحسب لها حساب وتقيم علاقات دولية مع القوى الفاعلة في الشرق الأوسط بما في ذلك روسيا، بعد السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن “جماعة الحوثي في اليمن تحولت من مجموعة من المقاتلين الحفاة إلى تهديد دولي ووسعت علاقاتها مع الميليشيات العراقية والحركات الجهادية في أفريقيا وروسيا، والسبب هو حرب غزة”.
وأضافت أنه “في الوقت الذي تلقى فيه محور المقاومة ضربات من إسرائيل خلال الشهر الماضي بما فيها مقتل زعيمي حماس وحزب الله والهجمات الصاروخية ضد إيران السبت الماضي، إلا أن هذا لم يمنع جماعة الحوثيين في اليمن من استهداف السفن هذا الأسبوع في البحر الأحمر بالصواريخ والمسيرات القتالية”.
وبحسب التقرير، فإن ذلك يعد مثالا آخر عن الطريقة التي عززت فيها الحرب الإقليمية المتوسعة من تأثير ومدى حركة كانت هامشية ولاعبا مدعوما من إيران في المنطقة.
وقالت “وول ستريت جورنال”، إن “الحوثيين تجنبوا حتى الآن الغارات الجوية الإسرائيلية التي قتلت الزعيم الجذاب لحزب الله، حسن نصر الله والذي حول جماعته في لبنان إلى أقوى جماعة مسلحة ما دون الدولة في العالم. وبعد أسابيع قتل (استشهد) زعيم حماس، يحيى السنوار في مواجهة مع الجنود الإسرائيليين في رفح جنوب غزة”.
وبالمقارنة مع الحركتين، فقد استفاد الحوثيون من خلال الدخول في الحرب بغزة، حسب محللين ومسؤولين غربيين تحدثوا إلى الصحيفة.
ومنذ بداية الحرب في العام الماضي، شنت جماعة الحوثي هجمات بالصواريخ والمسيرات على أكثر من 80 سفينة تجارية ما أدى لإعاقة حركة التجارة العالمية وزاد من الكلفة على شركات الملاحة والتأمين.
ويتوسع الحوثيون في الخارج ويمنحون قدراتهم القتالية لنزاعات في الخارج ويقيمون علاقات دولية مع عدد من اللاعبين في الشرق الأوسط وأفريقيا وحتى روسيا، حسب مسؤولين غربيين.
ونقلت الصحيفة عن المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيموتي ليندركينغ قوله: “إحدى التداعيات المؤسفة للنزاع في غزة هي أن الحوثيين ضاعفوا من اتصالاتهم مع لاعبين خبثاء في المنطقة وأبعد”.
وقال ليندركينغ في مقابلة مع الصحيفة، إن التوجه هذا “مقلق للغاية”، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تتحدث مع شركائها في المنطقة بشأن كيفية الرد.
وسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء في عام 2014 ما دفع السعودية والإمارات لشن هجمات جوية لدفعهم إلى الخروج من صنعاء وتأمين عودة الحكومة الشرعية بقيادة عبد ربه منصور هادي. وردت إيران بدعم الحوثيين بالسلاح والتدريب مما قرب المجموعة إلى طهران، حسب التقرير.
لكنهم واجهوا بعد ما يقرب من عقد في السلطة سخطا بسبب الأزمة المالية المتصاعدة وعدم دفع الرواتب للموظفين. وعندما اندلعت الحرب في غزة، دخل الحوثيون من خلال إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل واستهداف السفن التجارية أثناء مرورها بالبحر الأحمر بالصواريخ والمسيرات.
وبحسب محمد الباشا، المحلل بأمن الشرق الأوسط المقيم في الولايات المتحدة، فإن دخول الحوثيون في الحرب “منحهم شرعية محلية وإقليمية جديدة وقدموا أنفسهم كمدافعين عن غزة وفي النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني الأوسع”.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه الاستراتيجية نجحت على ما يبدو، وأدت لبناء المزيد من الدعم محليا ودوليا. فقد ارتفعت وتيرة الانضمام والتجنيد في الحوثيين داخل اليمن.
وفي أيار/مايو الماضي، قال زعيم كتائب حزب الله العراقية إن مجموعته ستعمل مع الحوثيين على ضرب إسرائيل. وقال مايكل نايتس، المؤسس المشارك لمنصة “ميليشيا سبوت لايت”، التي تدرس الميليشيات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط: “لقد تحول الحوثيون من مقاتلين يرتدون الصنادل إلى نجوم موسيقى الروك وصاروا الأشخاص الذين تريد أن ترتبط بهم الآن”.
وفي تقرير أخير صدر عن الأمم المتحدة وأعدته مجموعة الخبراء، وجد أدلة قوية بشأن تعاون الحوثيين مع الجماعات الأجنبية المسلحة. ومن بين الأدلة التي وردت في التقرير، تعاون الحوثيين مع الميليشيات في العراق ولبنان، من أجل تنسيق عمليات الكتلة التي تدعمها إيران.
ووصف التقرير الحوثيين بأنهم “يتحولون من مجموعة محلية مسلحة وبقدرات محدودة إلى منظمة عسكرية قوية”.
وقادت هجمات الحوثيين على السفن التجارية إلى ردود فعل انتقامية من الولايات المتحدة وحلفائها، بما فيها هجمات من سلاح الجو الأمريكي وقوات البحرية في 16 تشرين الأول/أكتوبر، بما فيها مقاتلات بي-2 سبريت، حيث استهدفت مخازن أسلحة. ورغم ما تركته الغارات الأمريكية إلا أنها لم تترك الضرر الكافي لمنع هجمات الحوثيين. وشنت إسرائيل بعض الغارات إلا أنها تركت الولايات المتحدة والدول الغربية للتعامل مع الجماعة اليمنية.
إلا أن تركيز إسرائيل على إيران، نفع بطريقة غير مقصودة الحوثيين، كما يناقش بعض المحللين. ويقول الباشا، إن الحوثيين بعد اغتيال زعيم حزب الله، نصر الله “سارعوا لملء الفراغ السياسي والعسكري داخل محور المقاومة”.
والمثير للدهشة، بحسب الصحيفة، أن الحوثيين أصبحوا أكثر قربا لحركة الشباب في الصومال والتي يقول ليندركينغ إن العلاقة بينهما “أصبحت قوية جدا”، مضيفا أن الحركتين بحثتا طرقا لزيادة “مخاطر وتهديد حرية الملاحة في البحر الأحمر”.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فقد وافق الحوثيون على تقديم مسيرات وصواريخ حرارية ومتفجرات إلى تنظيم القاعدة شبه الجزيرة العربية وناقشوا عمليات ضد الحكومة المعترف بها دوليا في عدن واستهداف الملاحة الدولية.
وعلق ليندركينغ بالقول إن دولا مثل السعودية وعمان وجيبوتي عبرت عن قلقها من التحولات، فيما تناقش الولايات المتحدة مع حلفائها زيادة التشارك في المعلومات الاستخباراتية واعتراض نقل الأسلحة. كما ويسعى الحوثيون للبحث عن طرق للحصول على إمدادات من الأسلحة وتمويل من الخارج، بما في ذلك
ويحاول تاجر السلاح الروسي، فيكتور باوت، الذي تم تبادله قبل عامين بلاعب كرة السلة بريتاني غراينر، بيع الحوثيين بنادق قتالية. وفي خطوة تؤكد على تورط موسكو المتزايد في اليمن، قامت سفينة حربية روسية في أبريل/نيسان بإجلاء قائد الحرس الثوري الإسلامي المسؤول عن برنامج الصواريخ والمسيرات الإيرانية في اليمن، من ميناء الحديدة، حسب قول مسؤول أمني غربي.
وتعرض الولايات المتحدة مكافأة قدرها 15 مليون دولار للقائد عبد الرضا شهلاي لتوجيهه مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن وهجوم منفصل كان من شأنه أن يقتل 200 مدني على الأراضي الأمريكية.
وقال مسؤولون أمريكيون، حسب التقرير، إن روسيا قدمت بيانات الاستهداف للمتمردين أثناء مهاجمتهم للسفن الغربية في البحر الأحمر، وتدرس تسليم صواريخ مضادة للسفن للحوثيين. وتستخدم الولايات المتحدة الدبلوماسية لمحاولة منع هذا النقل الأخير.
ويبدو أن الخطوة المحتملة من جانب موسكو تأتي ردا على الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وخاصة احتمال أن تسمح واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ طويلة المدى التي تزودها بها الدول الغربية ضد روسيا. وقال ليندركينغ إن موسكو “تستخدم اليمن كوسيلة للانتقام من الولايات المتحدة”.