كشفت مقاطع مصورة متداولة على منصات التواصل الاجتماعي عن الظروف القاسية وغير الإنسانية التي كان يعيشها المعتقلون داخل زنازين سجن المزة العسكري في العاصمة السورية دمشق، وهو السجن الذي كان يديره جهاز الاستخبارات العسكرية التابع لنظام الأسد، وارتبط اسمه على مدى سنوات بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأظهرت المقاطع المتداولة بقاء أغراض شخصية للمعتقلين الذين خرجوا من السجن عقب سقوط النظام، حيث كشفت الكاميرات التي دخلت إلى الزنازين عن رسومات وكتابات متفرقة على الجدران، بينها آيات قرآنية خطها المعتقلون خلال فترات احتجازهم.
وظهر في المشاهد جداول رسمها المعتقلون لتتبع الأيام التي أمضوها بعيدا عن عائلاتهم داخل المعتقل، في محاولة للاحتفاظ بحساب الوقت في ظل ظروف العزلة.
ورصدت الكاميرات أيضا دمى وأطباقا وأطعمة متناثرة على الأرض في الزنازين، ما يعكس تفاصيل الحياة اليومية القاسية التي عاشها السجناء داخل هذا المعتقل سيئ السمعة.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن نحو 700 شخص، بينهم نساء، كانوا محتجزين في سجن المزة العسكري تحت ظروف قاسية وصفت بأنها غير إنسانية.
وبحسب هذه التقارير، فقد كانت الزنازين المنفردة المخصصة لشخص واحد تُستخدم لاحتجاز ما بين 6 إلى 8 معتقلين، بينما كانت الزنازين الجماعية الصغيرة، التي تتسع لعشرة أشخاص فقط، تُكتظ بما يصل إلى 80 معتقلًا في ظروف خانقة وغير صحية.
وتحدث المعتقل السابق محمود عبد الباقي محمد عن معاناته داخل السجن في حديث مع وكالة الأناضول، مؤكدا أنهم عاشوا ظروفا لا تحتمل، وقال: “لم يكونوا يتعاملون معنا كبشر، والآن كأني في حلم”، في إشارة إلى شعوره بالصدمة بعد نجاته من هذا الجحيم.
ويعد سجن المزة العسكري واحدا من عدة سجون سيئة السمعة التابعة لنظام بشار الأسد، والتي شهدت انتهاكات واسعة النطاق على مدى سنوات بحق المعتقلين والمغيبين قسريا.
ومن أبرز هذه السجون صيدنايا في ريف دمشق، والقابون في دمشق، وتدمر والبالون في محافظة حمص، حيث تشير التقارير إلى تعرض عشرات الآلاف من المعتقلين للتعذيب الممنهج داخلها، في حين لا يزال مصير العديد منهم مجهولًا، إذ لم تُعرف أي أخبار عنهم بعد سنوات من احتجازهم.
ويجسد ما وثقته الكاميرات في سجن المزة العسكري جزءا من منظومة قمعية اعتمدها نظام الأسد لقمع معارضيه على مدار عقود، تاركا وراءه إرثا مليئا بالانتهاكات والآلام التي لا تزال ماثلة في ذاكرة السوريين.
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وقبلها في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأت معارك بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب، استطاعت الفصائل خلالها بسط سيطرتها على مدينة حلب ومحافظة إدلب، وفي الأيام التالية سيطرت على مدن حماة ودرعا والسويداء وحمص، وأخيرا دمشق.
وجرى تكليف المهندس محمد البشير، وهو رئيس حكومة الإنقاذ التي كانت تدير إدلب، بتشكيل حكومة لإدارة شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية، إلى غاية الأول من شهر آذار/ مارس المقبل.