مصر تكشف عن خطة شاملة لإعادة إعمار غزة بمشاركة الرئيس الشرع والأطراف العربية والدولية

في قمة عربية طارئة عُقدت في القاهرة، أعلنت مصر عن خطة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة بقيمة 53 مليار دولار، تهدف إلى بناء مستقبل اقتصادي مستدام للقطاع على مدار خمس سنوات، مع التركيز على الإغاثة العاجلة وإعادة الإعمار، وتعزيز التنمية الاقتصادية على المدى الطويل. وتأتي هذه المبادرة في وقت حساس، حيث فشلت المفاوضات المتعلقة باتفاق الهدنة في غزة، مما يجعل الحاجة إلى خطة إغاثة وتنمية شاملة أكثر إلحاحًا. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دعمه الكامل للخطة المصرية، مشيرًا إلى استعداد الأمم المتحدة للعمل بتنسيق وثيق لضمان نجاح المشروع وتوفير الدعم اللازم على الأرض. كما شهدت القمة العربية الطارئة حضورًا بارزًا من الجانب السوري، حيث شارك الرئيس السوري الأسبق أحمد الشرع في القمة، وهو أول ظهور له على الساحة الدولية منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد، مما يمثل خطوة هامة في إعادة سوريا إلى الحظيرة العربية.

تم تقسيم الخطة إلى مرحلتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بالتعافي المبكر الذي يستمر ستة أشهر بتكلفة تقدر بحوالي 3 مليارات دولار. وتشمل إزالة الأنقاض من المناطق المتضررة، وتوفير 200 ألف وحدة سكنية مؤقتة، بالإضافة إلى ترميم 60 ألف وحدة سكنية جزئيًا لإيواء 360 ألف شخص. ستستهدف هذه المرحلة إنشاء سبعة مواقع لإيواء 1.5 مليون شخص في وحدات سكنية مؤقتة. أما المرحلة الثانية، فهي إعادة الإعمار الشامل التي تمتد على مدار أربع سنوات ونصف، وتنقسم إلى مرحلتين فرعيتين. المرحلة الأولى التي تستمر حتى عام 2027 تتطلب تمويلاً قدره 20 مليار دولار، وتشمل بناء المرافق الأساسية والشبكات والبنية التحتية، وإنشاء وحدات سكنية دائمة، إضافة إلى استصلاح 20 ألف فدان من الأراضي الزراعية. أما المرحلة الثانية، فتمتد حتى عام 2030، وتتطلب تمويلاً قدره 30 مليار دولار، وتركز على إنشاء مناطق صناعية، وموانئ بحرية، ومطار جديد.

وفي إطار ضمان الشفافية والكفاءة، اقترحت مصر إنشاء صندوق ائتماني دولي لإدارة الأموال المخصصة لإعادة الإعمار تحت إشراف دولي، لضمان توجيه الدعم المالي وفقًا للمعايير الدولية مع إشراف شامل على أوجه الإنفاق. وتعتزم مصر تنظيم مؤتمر وزاري رفيع المستوى لحشد التمويل اللازم لهذه الخطة بمشاركة السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة، إلى جانب الدول المانحة والمنظمات الدولية. كما تشير الخطة إلى إنشاء لجنة إدارة غزة خلال مرحلة انتقالية لمدة ستة أشهر تضم تكنوقراط غير فصائليين بهدف تمهيد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية بشكل كامل إلى القطاع.

من جهتها، أبدت حركة حماس اعتراضها على بعض تفاصيل الخطة، حيث دعت إلى ضرورة إفشال أي مخططات تهدف إلى تهجير سكان غزة، وطالبت بدور عربي فاعل لإنهاء الأزمة الإنسانية في القطاع، مع التأكيد على أهمية وقف “جرائم الاحتلال الإسرائيلي” وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية. في المقابل، شدد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، على ضرورة نزع السلاح بشكل كامل من قطاع غزة، مؤكدًا أن الشروط الإسرائيلية تشمل خروج حماس وحلفائها من القطاع وعودة الرهائن كشرط أساسي للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار. إلا أن حماس تعتبر هذا الشرط “خطًا أحمر” ولا يمكن التفاوض عليه.

وأكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أن الخطة تضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم دون تهجير، متمسكًا بحق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام على أرضه. وأشار إلى أن هذه المبادرة تأتي كبديل للمقترحات السابقة، مثل خطة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، التي لاقت رفضًا واسعًا في الأوساط العربية والدولية. في سياق متصل، يعمل كل من مصر والأردن على تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية لتأمين العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية إلى غزة، وتدرس الأمم المتحدة إمكانية إرسال قوات دولية لحفظ السلام في المنطقة في إطار خطة شاملة تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

Read Previous

إسرائيل تدعو إلى فيدرالية في سوريا وتكثف تحركاتها العسكرية في الجنوب

Read Next

تشييع المنشد قاسم جاموس في “مهد الثورة” وسط مشاعر الحزن والتأثر

Most Popular