موسم الزيتون في درعا: جفاف غير مسبوق يهدد مصدر رزق آلاف العائلات

 

احمد المذيب  – سيريا مونيتور

في مشهدٍ اعتاد عليه الأهالي كل خريف، انطلقت في قرى وبلدات ريف درعا عمليات قطاف الزيتون، لكنّ هذا الموسم جاء بطعمٍ مختلف، إذ خيّمت عليه خيبة الأمل وقلّة الإنتاج نتيجة شحّ الأمطار في الشتاء الفائت.

يقول أبو محمد، أحد المزارعين في المنطقة، في حديثه لـ”سيريا مونيتور”:

كنا ننتظر هذا الموسم لنملأ جرار الزيت ونؤمّن مؤونة العام، بل ونبيع الفائض لنغطي بعض احتياجاتنا، لكنّ الشجر هذا العام بالكاد أعطى ما يسدّ الرمق.”

ويجمع المزارعون على أن الإنتاج هذا العام لا يكفي سوى لتأمين الحد الأدنى من احتياجات الأسرة، وقد لا يغطي حتى مؤونة الزيت السنوية، ما يدفع كثيرين إلى شراء الزيت من المعاصر والتجار بأسعار مرتفعة، في وقتٍ يعاني فيه الأهالي من ظروف اقتصادية صعبة.

أسباب تراجع الإنتاج

يعزو الخبراء هذا التراجع الحاد إلى قلة الهطولات المطرية خلال فصل الشتاء الماضي، ما أثّر سلباً على نمو الثمار وجودتها. كما ساهمت التغيرات المناخية وغياب الدعم الزراعي في تفاقم الأزمة، وسط مطالبات من الفلاحين بضرورة تدخل الجهات المعنية لتأمين مستلزمات الإنتاج وتقديم الدعم الفني والمادي.

وقال المهندس الزراعي وائل القراعزة لـ”سيريا مونيتور”:

موسم الزيتون هذا العام يشهد كارثة حقيقية، فالتربة جافة والأشجار تموت واقفة بسبب الجفاف، إذ أن معظم المساحات المزروعة بأشجار الزيتون في درعا بعلية وتعتمد فقط على مياه الأمطار في السقاية. نسبة الهطل في الموسم الفائت لم تتجاوز 30% من المعدل السنوي، ما انعكس بشكل كارثي على الإنتاج.”

 

وأضاف القراعزة أن الحل يكمن في توفير مياه السقاية من موارد بديلة كالآبار لمواجهة هذه الظاهرة، “خصوصاً إذا تأخر هطول الأمطار هذا الموسم، فالسدود جفّت تماماً ولم تعد قادرة على تأمين أي مصدر ري، لأنها بدورها تعتمد على مياه الأمطار والينابيع والسيول الشتوية.”

وأردف قائلاً:

حتى هذا الحل يواجه صعوبات كبيرة نظراً لشحّ مياه الآبار أيضاً وعدم كفايتها لإرواء السكان أساساً، فالينابيع المستثمرة لصالح مؤسسة مياه درعا تشهد تراجعاً حاداً في غزارتها، ما دفع المؤسسة للتوجه نحو حفر آبار ارتوازية ضمن خطة عمل حملة (ابشري حوران) لسد حاجة السكان من مياه الشرب.”

الزيتون… أكثر من محصول

لا يُعدّ الزيتون في درعا مجرد محصول زراعي، بل هو جزء من الهوية الثقافية والاقتصادية للمنطقة. فمواسم القطاف كانت دوماً مناسبة للتلاقي والتعاون بين الأهالي، وفرصة لتحقيق دخل إضافي يعينهم على مواجهة أعباء الحياة.

لكنّ هذا الموسم، كما يصفه أحد المزارعين، “يشبه الشجرة التي أورقت دون أن تثمر، فيه تعبٌ بلا مردود، وانتظارٌ بلا حصاد.”

دعوة للتضامن والدعم

في ظل هذا الواقع، يناشد المزارعون الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية والاقتصادية الوقوف إلى جانبهم عبر دعم زراعة الزيتون وتوفير مستلزمات الري والتسميد، لضمان استدامة هذا القطاع الحيوي والحفاظ على مصدر رزق آلاف العائلات في ريف درعا.

 

Read Previous

استنفار على الشريط الحدودي الجيش الإسرائيلي يوسع أعمال التجريف في القنيطرة

Read Next

الشيباني يتوجه إلى المملكة المتحدة لإجراء مباحثات مع مسؤولين بريطانيين

Most Popular